المخدرات وطريق الضياع..
استيقظ من سباته ليرى واقعه الأليم..طاردته الذكرى المؤلمة كما طاردت غيره..ليجد نفسه في طريق يصعب الخروج منها..فأدمن على تعاطي السموم القاتلة ..التي قضت على جسده وشوهت صورته الجميلة..
إذا نظرت إلى عينيه رأيت اللون الأحمر يطل منهما..جاحد الوجه..اصفر البنية..كانسان عاد إلى الحياة بعد غياب طويل أمضاه تحت التراب.. !
لم يعرف مجدي طعم الحنان في البيت الذي نشأ فيه..كانت صورة والديه تنطبع أمامه كلما حاول أن يخلد إلى النوم..صراع وصراخ دائم..ومشاكل زوجيه لا تنتهي..يحاول النوم ولا يجد سبيلا له..
إلى أن تم الطلاق بينهما..ليجد الابن نفسه في حلقه فارغة مشتت الذهن..مضطرب العاطفة..
كثيرا ما كان يتشاجر مع أبناء جيرانه...أو تصادفه المتاعب في فترة مراهقته..فيحتاج لحنان ورعاية امه..يحتاج
لان يرتمي بين أحضانها يشكي إليها همه.. ليطمئن قلبه بدفيء مشاعرها..ولكن انشغالاتها كانت تمنعها من قضاء الوقت مع ابنها..
عملها كان يشغل وقتها..أما أبيه فكان مشغول بمحاضراته في الجامعة ..وله مركزه المرموق..
استرجع مجدي الحوار الذي دار بينه وبين والده:
_أبي..هل لي أن أتكلم معك قليلا..فالوحدة تقتلني وهناك هما يعتصرني..احتاج إليك...
_ما بك يا بني..ألا تراني منهمكا الآن في عملي..إذا كنت تحتاج نقودا فمحفظتي في الغرفة..
اذهب وخذ ما شئت..لا تكن هكذا
_ولكن...أريد أن أحدثك بأمر مهم..
_أهذا وقت الكلام يا مجدي..أرجوك فلتبتعد عن طريقي..ولنتحدث لاحقا..
كان صديق مجدي يمثل العزاء بالنسبة له..بالرغم من أن حالته النفسية كانت أكثر سوءا منه..
بدأت رحله تعاطي المخدرات التي اتفق عليها كل من الصديقين..ووصلت حالتهم إلى أصعب حالات الإدمان..
إلى جانب تعاطي الكحول ومجالسه أقذر الناس.!
كانت محاوله للنسيان..لنسيان كل ما هو مؤلم في حياتهما..فأصبح الخمول والسهر كل ما يشغلهما..
حاولا السرقة عدة مرات..لان نقودهم كانت تنفذ بسرعة..والجسد يحتاج للسموم لأنه تعود عليها..فكيف الخلاص الآن..!
تمتد يد مجدي إلى حقيبة احدى الفتيات..يخطفها هاربا من أعين الناس التي تلاحقه..وصديقه ينتظره في المكان المتفق عليه..
الناس تلاحقه وتهتف بأصواتها (امسكوا اللص..انه هناك عند اللافتة الزرقاء.. لا لقد أصبح عند المحطة القادمة)
تتسارع دقات مجدي ويهتز جسده ليرى نفسه أمام شاحنه كبيرة فيصرخ بأعلى صوته ويتطاير جسده إلى الأعلى واقعا على الأرض..جثه هامدة بدون حياة..
تتلقى والدته الخبر فتصيبها الصاعقة..فتأتي مسرعه وتحتضن ابنها بين ذراعيها..قائلة ودموع الندم تنزف لتملئ وجه ابنها المتوفى..
_لا..لا اصدق..لا تمت يا بني..أنا هنا جئت إليك..
أيها الموت اللعين لا تأخذه منــــــي.._
قالت هذه الكلمات ..والحسرة تملئ وجهها..لطالما احتاج الابن إلى حنان أمه..إلى اهتمامها ولو قليلا..إلى كلمه تدخل الأمل إلى نفسه..
فلماذا نهمل فلذات أكبادنا..لتجرفهم الأيام في طريق الضياع وتعاطي المخدرات.؟!.وفي النهاية نعلن الندم ونتمنى لو غير القدر مساره عن طريقنا..
مات مجدي كما مات غيره من الضحايا..وتبقى السموم تجري في عروق أبنائنا ونحن كالمتفرج ساعة تأمـــل..!
عاشقة العندليب الاسمر