المنتدى العربي
المنتدى العربي
المنتدى العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا بكم جميعا في المنتدى العربي منتدى الهمسات الأدبية  مرحبا بكل من يأنس في نفسه كفاءة الإفادة مرحبا بكل من يبحث عن الإستفادة  المنتدى منكم و إليكم فلنعمل جميعا على تطويره و الرقي به   إدارة المنتدى    

 

 الطفولة المضيعة .. بقلمي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
شهد ع

 مشرفة القصص 
شهد ع


انثى عدد الرسائل : 380
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 20/08/2007

الأوسمة ونقاط التميز
الأوسمة: الدرع الذهبي لستارز
نقاط التميز: 600

الطفولة المضيعة .. بقلمي Empty
مُساهمةموضوع: الطفولة المضيعة .. بقلمي   الطفولة المضيعة .. بقلمي I_icon_minitime2008-07-13, 00:31


هناك في مكان بعيد........... في حي قديم جدا .......... في كوخ شبه متهدم ....... جدرانه آيلة للسقوط .........و سقفه تمنعه بقية من رحمة من أن يسقط على ساكنيه ................... من هذا المكان بدأت حكايته.......



أمجد ...... شاب مسكين دار عليه الزمان دورته ......... أنهكته المحن و بلاوي الزمن

نشأ أمجد يتيما في ذاك البيت الذي لفه فقر مدقع ، بسبب إهمال والده الذي لم يعرف قلبه يوما حبا لأي كان ، أو حتى قليلا من خشية الله تعالى تردعه .

كان قلبه المتحجر لا يلين ، و لا يخضع ، و لا يخشع حتى عند وفاة زوجته التي جعل حياتها علقما لا يستساغ .

هي رغم طيبتها و خشيتها من ربها كان ابتلاؤها أن تنجب له هذين الطفلين ..... أمجد الذي أتم السابعة من عمره يوم وفاتها ، و البريئة هبة التي لم تكمل ربيعها الثالث حينئذ .

تعلم أمجد من والدته حب الله ، و حب الناس ، و كذا حب شقيقته الصغرى التي أصبحت كظله الذي لا يفارقه ليلا أو نهارا ، حيث كان لا يسمح لأي كان أن يسيء إليها مقدار شعرة ، حتى أنه كان يلقي بجسده عليها مشفقا عليها ليتلقى هو وحده صفعات و ركلات والده التي لا توقفها حتى دموعهما المتوسلة ، أو جراحهما النازفة ، إذا أراد أن يستولي على ما حصلا عليه من فتات خبز تسد جوعهما أو صدقات ليشتري بها لنفسه ذاك السم الأبيض الذي يتعاطى .

هكذا نشأ أمجد أميا لا يملك إلا بعضا من ماء الوجه الذي يضطر لإسالته طالبا بعض الإحسان ليسكن به ألم الجوع الذي يعتصر معدته و معدة شقيقته الصغيرة .


"هي هكذا الحياة معشوقتي ، بائسة ملؤها العذاب و الآلام ......... ادع الله معي علنا نرى شيئا من سعادتها قبل يوم الفراق "

كانت تلك هي الكلمات التي همس بها أمجد في أذن الصغيرة حين قرر أن يهرب و إياها بعيدا عن حيهم ، و كوخهم و كل ما يصلهم بحياتهم المعذبة .

كان قرار أمجد هذا بعد سنوات سبع من وفاة والدته صادف فيها من الهوان و العذاب ما ينوء كاهله الصغير عن حمله ، فجاء قراره حاسما بوجوب المغادرة.

و كان الأمر كما خطط له في ليلة مقمرة يضيء القمر فيها أرجاء الأزقة و الشوارع ......... لملم بعض الطعام الذي جمعه و شقيقته و أمسك بيدها بقوة و هربا جريا نحو المجهول ......

أيام ، و أيام ، و أيام من المشي المتواصل حتى نفد طعامهما ، و نفذت أي قوة كانت لا تزال متبقية في أقدامهما الصغيرة التي مزقتها أشواك الطريق و حجارته .

و شاء الله أن يصلا عتبات بيت امرأة كبيرة في السن ، تقية ، طيبة ، و التي ما إن رأتهما في حالهما تلك حتى انحدرت دمعتان متلألئتان من عينيها الغائرتين تبعهما كثير من الدمعات اللاتي جعلت الصغيرين يشعران بأن قلبا كبيرا سيحتويهما أخيرا .

بعد أن ضمدت السيدة جراح الصغيرين ، و قدمت لهما حساء ساخنا ، استمعت إلى قصتهما ، و شعرت بالمعاناة التي عاشها الطفلان و هما لا يزالان في أولى مراحل حياتهما .........

و فيما هم يتحادثون إذ ولج الغرفة شاب في الرابعة عشر من عمره - أي تقريبا في مثل عمر أمجد- و الذي ما إن دخل الغرفة حتى بادرهم بتحية مصحوبة بابتسامة بيضاء نقية جعلت دموعا في عيني الصغيرين تحتبس قبل أن يردا بتحية أحسن منها ،فهما لم يعتادا حتى على رؤية من يبتسم لهما ابتسامة ملؤها النقاء كهذه .

جلس الشاب إلى جوار أمجد قائلا : " أنا يزن يا صديقي ، و من أنت ؟ "

فقالت السيدة : "هذان أمجد و هبة .. سيكونان فردين جديدين في أسرتنا الصغيرة" و التفتت إليهما مكملة :" فأنا أعيش مع يزن وحيدين في هذا البيت الكبير و نحتاج لمن يؤنس وحدتنا ، فما رأيكما صغيراي ؟ ".

حدقت هبة في شقيقها الوسيم برهة قبل أن تبتسم و ترمي بجسدها الصغير في أحضانه و تبدأ بكاء مريرا مسموعا صوته يمزق القلب لما يحمل من حزن و ألم ، و أمجد يمرر يده الحانية على شعراتها السوداء قائلا : " أتذكرين عزيزتي حين قلت لك أن لنا ربا لن ينسانا "

و تركها تبكي لتريح قلبها مما يعتمل فيه من مرارة عانتها ذات العشرة أعوام في سنيها الأخيرة .


في تلك الليلة خلد الجميع إلى النوم باكرا، فقد كان يومهم طويلا و شاقا بعد أن تعاونوا أربعتهم في أن يجهزوا غرفة للشقيقين ليقيما فيها مع السيدة حسناء و حفيدها يزن .

سيطر النوم سريعا على أعين الجميع عدا أمجد الذي منعه ألم شديد غزا صدره من النوم . كانت نوبات الألم تلك تعاوده من فترة لأخرى ، لكنه ما كان يذكر ذلك لشقيقته خشية أن يساورها شيء من القلق عليه .

و بعد أن هدأت تلك النوبة ذهب إلى سرير أخته – والتي كانت تغط في نوم عميق- و نظر إلى وجهها الملائكي ، و أخذ يحادثها و كأنها تسمعه و هو يهمس قائلا : " مدللتي الصغيرة ، يا من لو أعطاني الله مزيدا من قوة أو صحة لأجعلنك الأسعد على وجه المعمورة ، لكنني محبوبتي أشعر أن مرضي لن يمهلني كثيرا ، ربما هي سنوات قلائل و أغادركم ، من يدري ... علها بضع سويعات و لا أكون بينكم . لكن ثقي أنني أبدا ما حييت سأبقى الحارس الوفي لك و لقلبك الصغير الذي تحملين بين جنباتك ...... ثقي بهذا صغيرتي " و طبع قبلة حارة على جبينها و خلد إلى النوم .

في اليوم التالي و أثناء تناول الفطور اتفق أمجد مع الجدة حسناء على أن يخرج باحثا عن عمل بسيط يعيد له بعضا من ماء الوجه الذي أساله حين كان طفلا صغيرا ، فهو يريد أن يصبح المعيل الوحيد لشقيقته دون أن يشعر أن هناك من ينفق عليهما أو يتحمل عبء ذلك ، و أمام إصراره الذي لا يعرف حدا وافقت السيدة شرط ألا يتأخر في العودة إلى البيت بعد إنهاء عمله ، فهي تعرف شدة تعلق شقيقته به.

و بعد يوم من البحث المضني، وجد أمجد عملا في توزيع الصحف على المنازل و المتاجر ، و بعد أن ينهي عمله يعود مساء إلى البيت ، و ما إن يدخل حتى يسمع ضحكات صغيرته ترن في أرجاء المنزل فرحا بعودته و تلهفا لأن تريه بعض المطرزات التي تعلمت صنعها من الجدة حسناء ، أو أن تذيقه بعض الأكلات التي ساعدت في إعدادها ، الأمر الذي ينسيه أي تعب صادفه أو أي حزن شاب قلبه .

مضت الأيام و الشهور و أمجد يزاول عمله بسعادة غامرة ، رغم أن كسبه لم يكن كثيرا ، إلا أنه كان راضيا قانعا شاعرا بعزة نفسه و إبائها حين يجلب لشقيقته كل ما تريد من كسب يده و عرق جبينه . و كذلك أتقن تعلم العربية قراءة و كتابة من صديقه يزن الذي لم يفتأ يعلمه حتى صار من أبرع الكاتبين .





كبر الصغار و صاروا شبابا يافعين ، و أصبحت هبة شابة غاية في الرقة و الجمال ....... كبروا وكبرت أواصر الصداقة و الحب بينهم حتى صار كل من يزن و أمجد كالإخوة لا يفترقان . و في إحدى الليالي خرج يزن و صديقه أمجد ليتنزها بعد يوم عمل شاق ، و بينما هما يتحادثان إذ عاودت امجد آلامه و شعر بأن صدره يتمزق ألما ، و بدأ بسعال شديد مصحوب بنزيف من صدره .

لم يدر يزن ما يفعل فطلب بعض المساعدة لنقل أمجد إلى أقرب طبيب في المنطقة ، و ما إن هدأت آلام أمجد و أفاق من تأثير حقنة المسكن حتى التفت إلى الطبيب مخاطبا : " سيدي الطبيب ، أعلم أن مرضي خطير ، و أنه قد استفحل أمره ، و لم يعد بإمكاني أن أستمر طويلا ، لكنني أتمنى عليك ألا تخبر أحدا ممن يعرفني عن مرضي هذا " . و ما إن أتم كلامه حتى التفت يزن إلى الطبيب عله يجد في عينيه نفيا لما سمعه من صديقه، لكن الطبيب لم يكن يملك إلا أن يطأطئ رأسه موافقا أمجد على ما قال .

استعاد أمجد بعضا من عافيته و غادر عيادة الطبيب برفقة صديقه شاكرا الطبيب لوعده إياه بكتمان سره .

أثناء طريق العودة لم ينبس يزن ببنت شفة حيث كان لا يزال تحت هول الصدمة التي سمعها لتوه ،

" ما بالك يا عزيزي ، أتخشى أن تفقدني؟" جاءه صوت أمجد قاطعا عليه صمته ، فأجابه يزن بصوت متهدج متقطع : " لم لم تخبرني ، ؟ لم أخفيت عني أمر مرضك اللعين ؟ ألست أخي و صديقي ؟".

ارتسمت علامات حزن على محيا أمجد قبل أن يجيب : " لم أشأ أن أقلقك أو أحزنك ، شعرت أنني إن أخبرتك فستصبح نظراتك إليَ حزينة ملؤها الألم ، ستشعر أنني أموت كلما نظرت إلي ، كنت أريد أن يكون موتي هو المرة الوحيدة التي تبكونني فيها ، لا أريد أن تنظروا إلي بعين الرأفة كل يوم ، فنظراتكم ستزيد ألمي ، لقد تعبت يا أخي و أريد أن أرتاح ......... هل فهمتني يا صديقي؟ " ، و التفت إلى رفيقه و بيده الطاهرة مسح دموعه و أكمل : " أرجوك لا تبك ، أريدك كما عرفتك مرحا بساما.......... أتذكر ابتسامتك الأولى التي أحييت بها موات قلبي ... أريد مثلها كل يوم ، أرجوك .... فأنا محتاج لأن أشعر بالسعادة تلفني من كل جانب ......... لا أريد أن أرى دموع صغيرتي فهي تزلزل كياني ، و لا أملك أمامها فعل شيء ...... أرجوك أريد منك أن تعتني بصغيرتي ....... هبة أمانة في عنقك ......... أنت تعلم كم أحبها و كم هي متعلقة بي ......... أرجوك اهتم بها ....... "، ثم انفرجت شفتاه عن ابتسامة و قال : " اتفقنا يا رفيق دربي ؟ ". ثم تابع ضاحكا : "و الآن يا صديقي دعنا من أجواء الحزن و الأسى، و قل لي ما رأيك ؟ أريد أن أزوجك مدللتي الصغيرة ...... ها ما رأيك؟ ".

تملكت الدهشة وجه يزن مجيبا : " و لكن ...... لا أدري ما أقول فقد فاجأتني ......... أتزوج هبة ؟ ......... هل أنت محق ؟".



"أجل بالطبع محق، أنا كنت قد شاورتها لكن الحمرة صبغت وجنتيها ، و خجلت أن ترد فعرفت أنها موافقة.. فماذا تقول أنت ؟".

تبددت ملامح الدهشة عن وجه الشاب مجيبا: " بالطبع موافق ، لن أجد أفضل منك كي أناسبه ".

" رائع، إذا اتفقنا ؟، سيكون زفافكما الأسبوع القادم ".





و في ضوء التجهيزات و الاستعدادات كانت السعادة تغمر البيت كله ، و تناسى كل من أمجد و يزن المرض ، و كتما أمره عن الجدة حسناء و الصغيرة هبة حتى لا يكدرا صفو فرحهما .

و في اليوم الموعود ، و بعد أن ودع أمجد شقيقته مع رفيق عمره ، و بعد أن سكنت الطمأنينة قلبه كان لا بد أن تحين النهاية،......... برؤيته شقيقته في ثوب زفافها الأبيض كنقاء قلبه إلى جوار عريسها كعصفورين منطلقين ، ......... انتهت حياته بانقطاع آخر حبل قوة في قلبه المتعب ليشعر أنه أدى رسالته على وجهها الأكمل ، ليمر عليه لحظة السقوط شريط ذكرياته المرير السعيد و يقول : " سامحك الله يا أبي .........." .

و يودع دنياه بابتسامة راض بقضاء الله و قدره و بأشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله .
تمت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الطفولة المضيعة .. بقلمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى العربي :: 

منتديات الإبداع و النقاش :: القصة القصيرة

-
انتقل الى: